للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة في أن يكفّر وقد عمد الباطل؟ قيل: أقربها قول النبي : "فليأتِ الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه" فقد أمره أن يعمد الحنث) فقد اعتمد الشافعي الحديث في الأمر بعمد الحنث واستدل به على التكفير. والحديث رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم: "إذا آليت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فأتِ الذي هو خير وكفّر عن يمينك" (١).

ولقد ردّ ابن التركماني (٢) صاحب "الجوهر النقي" بأن الله أوجب الكفارة في اليمين المعقودة على مستقبل يمكن فيه الحنث والبر، والغموس ليست كذلك، لأنها على ماض ليس فيه أمر ينتظر فيه الحنث أو البر.

وقوله : "فليأتِ الذي هو خير" ورد فيمن سبق منه يمين متعقدةٌ يجب عليه الكفارة إذا حنث فيها بالنص، ولما كانت على معصية أمره الشارع بالحنث فيها، فعمدُ الحنث فيها مأمور به، وعمد الغموس منهي عنه؛ فكيف يقاس على تلك؟ ثم ذكر عن ابن مسعود عدم القول بالكفارة في الغموس، ونقل عن كتاب "الأشراف" لابن المنذر عن الحسن مثل ذلك، ثم قرر أنه قول مالك والأوزاعي، والثوري، ومَن تبعهم، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي، وأنه لا دليل من كتاب أو سنّة على القول بالكفارة وأن اليمين التي يقتطع بها حرام أعظم من أن تكفر (٣).

٣ - ومما اختلف فيه أئمة الحنفية أنفسهم: حكم اللواطة.


(١) راجع: "سنن البيهقي" (١٠/ ٣٦ - ٣٨).
(٢) هو علي بن عثمان بن إبراهيم أبو الحسن المارديني الشهير بابن التركماني، من أهل مصر، كان من قضاة الحنفية ومن علماء الحديث واللغة. من مصنفاته: "المنتخب" في علوم الحديث، "تخريج أحاديث الهداية" و "الجوهر النقي في الرد على البيهقي" وهذا الكتاب مطبوع بالهند بحاشية "سنن البيهقي" في عشرة أجزاء. وقد صورت الطبعة الهندية الآن في بيروت. توفي سنة ٧٥٠ هـ.
(٣) انظر: "الجوهر النقي" لابن التركماني (١٠/ ٣٨) المطبوع مع "السنن الكبرى" للبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>