للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النص في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [النساء: ٩٢] من وجوب الكفارة والدية على القاتل خطأ، وفي قوله : "مَن نام عن صلاة أو نسيها، فليصلِّها إذا ذكرها" من وجوب قضاء الصلاة على من تركها ناسيًا.

وإنما قلنا ذلك: لأن القول بعدم العموم في المقتضى، يجعلنا نقول برفع الإثم فقط وهو العقوبة في الآخرة.

وعلى هذا: فالحكم الذي يثبت في الحديث من طريق دلالة الاقتضاء، لا يشمل الحكم الدنيوي، وإنما هو قاصر على رفع الحكم الأخروي عن المخطئ والناسي، وإذا كان الأمر كذلك: فأي تناف بين هذا وبين وجوب العقوبة الدنيوية عليهما.

وبعد ذلك كله: نود أن نكرر التنبيه على أن كثيرًا من الفروع عند الشافعية وغيرهم - وقد رأينا بعض ذلك من قريب - يبدو فيها الأخذ بأن للمقتضى عمومًا، وربما وجدنا تعليل ذلك في نقطتين:

أولاهما: أن الشافعية وغيرهم يرون الدلالة في مثل هذه الحال، وكأنها دلالة بصريح النص، وأن تقدير المقتضى أمر يدركه من له أدنى إلمام باللغة، ولذلك تراهم لا يعتبرون تعليق التحليل أو التحريم بالأعيان من المجمل، كما في قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] وقوله : "لا صيام لمن لم يبيِّت النية من الليل"، بينما يعدها الحنفية من المجمل.

الثانية: ما نجده عند السعد التفتازاني حين يفصِّل القول ويحققه في أمر ما ينسب إلى الشافعي من القول بعموم المقتضى. قال : (وقد ينسب القول بعموم المقتضى إلى الشافعي . وتحقيق ذلك أن المقتضى - بلفظ اسم الفاعل - عنده ما يتوقف صدقه أو صحته عقلًا أو شرعًا أو لغةً على تقدير وهو "المقتضى" اسم مفعول. فإذا وجد تقديرات متعددة يستقيم الكلام بكل واحد منها: فلا عموم له عنده أيضًا بمعنى أنه لا يصح تقدير الجميع بل يقدر واحد بدليل، فإن لم يوجد دليل معين لأحدها كان بمنزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>