للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديث دليل على التخيير بين الصوم والفطر في السفر، وهو وإن لم يكن فيه تصريح بأن الصوم كان في رمضان، ففي رواية مسلم أنه قال: يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر، فهل عليّ جناح؟ فقال : "هي رخصة من الله فمَن أخذ بها فحسن، ومَن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه" (١).

قال ابن حجر في "الفتح": (وهذا ما يُشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة، وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب).

ثم قال الحافظ: (وأصرح منه ما أخرجه أبو داود والحاكم أنه قال: يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه، أسافر عليه وأكريه، وإنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة، وأجدني أن أصوم أهون عليّ من أن أؤخره، فيكون دَيْنًا عليّ، فقال: "أيّ ذلك شئت يا حمزة") (٢).

وكان ابن العربي قد عرض لهذه المسألة عند قوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ وأبان أن سنة الرسول ، واللغة بفصاحتها وجزالة القول فيها، تؤيدان ما ذهب إليه الجمهور من إضمار (فأفطر).


(١) راجع: "فتح الباري" مع "الجامع الصحيح" (٤/ ١٥٦)، "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (٢/ ١٧)، "منتقى الأخبار" مع نيل الأوطار" (٤/ ٢٣٥).
(٢) راجع: "فتح الباري (٤/ ١٥٦ - ١٥٧)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٤/ ٢٣٥ - ٢٣٨) هذا: ومما يؤيد ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر في أن الصوم المسؤول عنه: هو صوم رمضان، ما أخرج الإمام أحمد (٢٨٠٥٣) والبخاري (١٩٤٥) ومسلم (٢٦٢٥) و (٢٦٢٦) وأبو داود (٢٤٠٩) عن أبي الدرداء أنه قال: "خرجنا مع رسول الله في شهر رمضان في حر شديد، حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة". قال ابن دقيق العيد: (وهذا تصريح بأن هذا الصوم وقع في رمضان، ومذهب جمهور الفقهاء صحة صوم المسافر، والظاهرية خالفت فيه - أو بعضهم - بناء على ظاهر لفظ القرآن من غير اعتبار للإضمار، وهذا الحديث يرد عليهم) "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد. وانظر: (٢/ ١٧ - ١٨) "معالم السنن" للخطابي (٢/ ١٢٣)، "شرح معاني الآثار" للطحاوي (١/ ٣٣٣)، "جامع الأصول" لابن الأثير (٤٥٨٩)، "صحيح مسلم بشرح النووي" (٢٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>