للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك قوله في "أحكام القرآن": (قال علماؤنا: هذا القول من لطيف الفصاحة، لأن تقريره فأفطر فعدّة من أيام أُخر، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦] تقديره: (فحلق ففدية). ثم عرض ابن العربي إلى من خالف ذلك فقال: (وقد عزي إلى قوم أن مَن سافر في رمضان قضاه، صامه أو أفطره. وهذا لا يقول به إلا ضعفاء الأعاجم، فإن جزالة القول وقوة فصاحته تقتضي (فأفطر) وقد ثبت عن النبي الصوم في السفر قولًا وفعلًا) (١).

وهكذا يثبت بالدليل ضرورة إثبات (فأفطر) لأن صحة الكلام الشرعية تقتضيها، فدلالة النص القرآني على ارتباط قضاء رمضان للمسافر: بالإفطار؛ وذلك لإضمار (فأفطر) التي توقفت عليها صحة الكلام شرعًا كما ثبت في السنّة الصحيحة، فدلالة النص على إضمار هذه الكلمة دلالة اقتضاء.

الثالثة: دلالة الإيماء: (وهي دلالة اللفظ على لازم مقصود للمتكلم لا يتوقف عليه صدق الكلام ولا صحته عقلًا أو شرعًا، في حين أن الحكم المقترن لو لم يكن للتعليل، لكان اقترانه به غير مقبول ولا مستساغ؛ إذ لا ملاءمة بينه وبين ما اقترن به) (٢).

١ - كما لو ورد عن الشارع حكم مرتّب على وصف بحرف الفاء، للدلالة على التعقيب في كلام الله أو كلام رسوله أو كلام الراوي عن الرسول (٣).

أما في كلام الله تعالى: فكما في قوله سبحانه: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)[المائدة: ٣٨].


(١) راجع: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٨).
(٢) انظر: "مختصر المنتهى" لابن الحاجب وشرحه العضد مع "حاشية التفتازاني" (٢/ ١٧٢).
(٣) راجع: "الإحكام" للآمدي (٣/ ٣٦٦ - ٣٦٧)، "مختصر ابن الحاجب" مع "شرحه للعضد وحاشية التفتازاني" (٢/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>