للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأمر بقطع اليد في الآية، رتّبه الشارع على السرقة لوجوب القطع. ولولا ذلك لكان هذا الاقتران غير مقبول.

وأما في كلام الرسول: فكقوله : "مَن أحيا أرضًا ميّتة فهي له، وليس لِعِرْقِ ظالم حق" (١).

ففي هذا النص من السنّة: رتّب الرسول ملك الأرض الموات على إحيائها، بحرف الفاء في قوله: "فهي له" فهذه دلالة إيماء وتنبيه على أن الإحياء للأرض الميتة هو علة الملك.

أما في كلام الراوي: فقد مثّل الآمدي لذلك بقوله: سها رسول الله في الصلاة، فسجد. وزنى ماعز، فرجمه رسول الله (٢).

وهنا كما في الصور السابقة: رتب السجود على السهو والرجم على الزنى بحرف الفاء.

فدلّ على أن ما رُتب عليه الحكم بالفاء: هو علة له.

وذلك في جميع هذه الصور - كما قرّر الآمدي - يدل على أن ما رتب عليه الحكم (بالفاء) يكون علة للحكم لكون (الفاء) في اللغة ظاهرة في التعقيب، ويلزم من إفادتها التعقيب السببية؛ لأنه لا معنى لكون الوصف سببًا، إلا أن يثبت الحكم عقيبه، وإن كان ذلك على سبيل الظاهر لا على سبيل القطع (٣).


(١) أخرجه أحمد (١٤٦٩١) وأبو داود (٣٠٧٣) والترمذي (١٣٧٨) من رواية سعيد بن زيد. راجع: "جامع الأصول" لابن الأثير (١٣٦)، "منتقى الأخبار مع نيل الأوطار" (٥/ ٣١٩). ولأبي داود (٣٠٧٦) والدارقطني (٢٩٣٨) رواية مطولة عن عروة بن الزبير، وانظر: "التعليق المغني على الدارقطني": (٣/ ٤٤٤) فما بعد، "نيل الأوطار" (٥/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٢) انظر (ص ٤٢٥ - ٤٢٦) مما سبق.
(٣) في "الإحكام" للآمدي (٣/ ٣٦٧) وليس ذلك قطعًا بل ظاهرًا، لأن الفاء في اللغة قد ترد بمعنى (الواو) في إرادة الجمع المطلق. وقد ترد بمعنى (ثمَّ) في إرادة التأخير مع المهلة .... ، غير أنها ظاهرة في التعقيب، بعيدة فيما سواه).

<<  <  ج: ص:  >  >>