(٢) قال ﵀: (ومما تستثمر منه الأحكام: تنبيه الخطاب؛ وهو إما في الطلب كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣] فنهيه عن القليل منه يدل على الكثير، وقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢] يدل على تحريم الإحراق والإتلاف. وإما في الخبر: فإما أن يكون بالتنبيه بالقليل على الكثير كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا﴾ [الزلزلة: ٧] فنبّه على أن الرطل والقنطار لا يضيع لك عنده، وكقوله: ﴿مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣)﴾ [فاطر]، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ [النساء]، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء]، ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ﴾ [يونس: ٦١] مع خفائه ودقته، فهو بألا يذهب عنه الشيء الجليل الظاهر: أولى. وإما بالكثير على القليل، كقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥] فهذا من التنبيه على أنه يؤدي إليك الدينار وما تحته، ثم قال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ فهذا من الأول؛ وهو التنبيه بالقليل على الكثير؛ فدلّ بالتنبيه على أنك لا تأمنه بقنطار، يعكس الأول. ومثل قوله في فرش أهل الجنة: ﴿بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ [الرحمن: ٥٤] وقد علمنا أن أعلى ما =