للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا نعود لنؤكد ما قررناه من قبل أن الاجتهاد الذي نعنيه بـ "تفسير النصوص": هو من الرأي المحمود، الذي لا ينأى عن الشريعة بكتابها وسنتها ولسانها، وليس من الرأي الذي يكون من ورائه الهوى، أو الجهل.

وبعد: فقد تبين مما سبق، أن الرأي على نوعين:

أولهما: الرأي المحمود، وهو الذي يجري على موافقة معهود العرب في لسانها وأساليبها في الخطاب، مع مراعاة الكتاب والسنّة، وما أثر عن السلف.

الثاني: الرأي المذموم، وهو الذي يجافي قوانين العربية، ولا يتفق مع الأدلة الشرعية، وقواعد الشريعة في البيان والأحكام.

وللنوع الأول من وجهة نظر الفقه بمعناه العام: دور هام في الأصول والفروع، للعمل بشريعة الإسلام؛ فهو الرأي الذي يفسر النصوص، ويبين وجه الدلالة منها، ويقررها ويوضح محاسنها، ويسهل طرق الاستنباط منها، حيث يهيئ للمكلف سبيل الخروج من العهدة في امتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، وتحقيق الأحكام.

وفي هذه الحدود، يلتقي قبلنا هذا، مع ما أسلفناه عن عبد الله بن المبارك إذ يقول بمناسبة الحديث والرأي: "ليكن الذي تعتمد عليه هذا الأثر، وخذ من الرأي ما يفسر لك الحديث وهذا هو الفهم الذي يختص الله به من يشاء من عباده" (١).

والنوع الثاني: هو الذي تخوّف منه السلف الأمناء على كتاب الله الكريم، فهو المقصود بكلام عمر بن الخطاب إذ يقول: "ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه، ولا من فاسق بيّنٍ فسقُه، ولكني أخاف


(١) راجع: "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (٢/ ٣٤) "إعلام الموقعين عن رب العالمين" لابن القيم (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>