للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأهلية، فقال: "ما أنزل الله علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة: ٨].

وفي رواية له قال: "سئل النبي عن الحُمر فقال: "لم ينزل عليّ فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة] " (١).

فاستدل رسول الله بعموم ﴿مَنْ﴾ لما لم يذكر له حكم، لأن السائل سأل عن صدقة الحُمُر الأهلية، وليس لها حكم خاص (٢).

فعلمنا استنباط الحكم من العموم، فيما ليس له حكم نصًا (٣).

أما أخذ الصحابة ومن بعدهم من الأئمة بالعموم: فهو ثابت متوارث.

١ - فحين اختلف الصِّديق أبو بكر مع الصحابة في قتال مانعي الزكاة استدل عمر - كما يقول الآمدي (٤) - بقوله : "أمرت أن


(١) انظر: "صحيح البخاري" (٥/ ١٧٥ - ١٧٦)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٩/ ٢٣٠).
(٢) قال ابن حجر: (والمراد أن الآية دلته على أن من عمل في اقتناء الحمر طاعة، رأى ثواب ذلك، وأن من عمل معصية رأى عقاب ذلك، قال ابن بطال: فيه تعليم الاستنباط والقياس، لأنه شبه ما لم يذكر الله حكمه في كتابه - وهو الحمر - بما ذكره من عمل مثقال ذرة من خير أو شر. إذ كان معناهما واحدًا، قال: وهذا نفس القياس الذي ينكره من لا فهم له عنده.
وتعقب ابن المنيّر بأن هذا ليس من القياس في شيء، وإنما هو استدلال بالعموم، وإثبات لصيغته، خلافًا لمن أنكر أو وقف. وفيه تحقيق لإثبات العمل بظواهر العموم، وأنها ملزمة، حتى يدل دليل التخصيص، وفيه إشارة إلى الفرق بين الحكم الخاص المنصوص، والعام الظاهر، وأن المظاهر دون المنصوص في الدلالة)، "فتح الباري" (٦/ ٤٣).
(٣) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (ص ١/ ٣٠١)، "أصول السرخسي" (١/ ١٣٥)، "الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية" لمحمود حمزة (ص ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٤) "الإحكام" (٢/ ٢٩٥)، وانظر: "أصول السرخسي" (١/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>