للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطلاق: ٢] أي: عدتُهن وضع حملهن، وهذا يقتضي أنها تعتد بوضع الحمل، والتاريخ غير معلوم، فوجب القول بأبعد الأجلين احتياطًا.

وذهب ابن مسعود إلى أنها تعتد يوضع الحمل لا غير؛ لأن قوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ﴾ متأخر في النزول عن قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)﴾ الآية [البقرة] وذلك قوله: (أتجعلون عليها التغليظ، ولا تجعلون عليها الرخصة، لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (١) ويعني بسورة النساء القصرى سورة الطلاق حيث نزلت بعد سورة البقرة. والمراد - كما قال ابن حجر - بعض كل؛ فمن البقرة قوله: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ ومن الطلاق قوله: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾).

ووجه الاستدلال بهذه الواقعة على العموم، يراه البزدوي والسرخسي في أن ابن مسعود استدل بالعام في قوله: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ﴾ على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل لا غير، وجعل الخاص في عدة المتوفى عنها زوجها منسوخًا بهذا العام في حق الحامل (٢).


(١) الحديث بهذا اللفظ رواه البخاري والنسائي، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ: "من شاء لاعنته. . ." بعد أن بلغه أن عليًا يقول: تعتد آخر الأجلين.
انظر: "صحيح البخاري" في تفسير سورة البقرة (٦/ ٢٩) وفي تفسير سورة الطلاق (٦/ ١٥٦)، "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٢٩٠ - ٢٩١)، "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن حجر (٨/ ١٤٤، ٥٠٢، ٥٠٣)، "نصب الراية" للزيلعي (٣/ ٢٥٦)، "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" للشوكاني (٦/ ٣٠٤) فما بعدها.
(٢) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٣٠١ - ٣٠٣)، "أصول السرخسي" (١/ ١٣٦).
هذا: والتناسخ بين الآيتين هو ما يوجبه ظاهر كلام عبد الله بن مسعود لأول وهلة.
ولكن أكثر العلماء على خلاف ذلك. قال الخطابي: (فظاهر كلامه - يعني ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>