للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى عبد العزيز البخاري شارح "أصول البزدوي" أن كلًّا من النصين في سورة البقرة، وسورة الطلاق، عام من وجه، خاص من وجه.

فقوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ﴾ عام من حيث إنه يتناول المتوفى عنها زوجها، وغيرها.

وخاص من حيث إنه لا يتناوله إلا أولاتِ الأحمال.

وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ خاص بالنسبة إلى الأول، من حيث إنه لا يتناول إلا المتوفى عنها زوجها. عام من حيث إنه يتناول المتوفى عنها زوجها، حاملًا كانت أو غير حامل. فنسخ قوله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ﴾ بعمومه حكم هذا النص الخاص النسبي في حق الحامل، لكونه متأخرًا عنه (١).

وهكذا نرى أن كل واحد من علي وابن مسعود عمل بالعموم كما هو موجب الصيغة. إلا أن أحدهما جمع بين النصين لعدم علمه بالتاريخ، والآخر عمل بالمتأخر لمعرفته به.

هذا والذي رأيناه من مذهب ابن مسعود: هو ما ذهب إليه الجمهور،


= مسعود - يدل على أنه حمله على النسخ فذهب إلى أن ما في سورة الطلاق ناسخ لما في سورة البقرة، وعامة العلماء لا يحملونه على النسخ، بلى يرتبون إحدى الآيتين على الأخرى، فيجعلون التي في سورة البقرة في عدة الحوائل وهذه في الحوامل) ومن هنا أوّل ابن حجر كلام ابن مسعود بأنه: إن كان هناك نسخ فالمتأخر هو الناسخ، وبعد هذا التأويل قال: (وإلا فالتحقيق أن لا نسخ هناك بل عموم آية البقرة مخصوص بآية الطلاق). انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٢٩٠ - ٢٩١)، "فتح الباري" (٨/ ٥٠٢).
قلت: وبين الحنفية وغيرهم اختلاف في الاصطلاح حول معنى التخصيص، فالتخصيص عند الحنفية - كما سيأتي - لا بد أن يكون بدليل مستقل مقترن، ولا يشترط غيرهم الاقتران. ومن هنا: كان ما يسميه غير الحنفية تخصيصًا في بعض الأحيان: يسميه الحنفية نسخًا.
(١) راجع: "كشف الأسرار شرح البزدوي" (١/ ٣٠٢): "كشف الأسرار" مع "شرح المنار" للنسفي (١/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>