١ - يلاحظ الباحث بسهولة أن الاجتهاد أعم من القياس، فالاجتهاد حسب الذي أسلفنا: كما يشمل بذل الجهد فيما لا نص فيه للوصول إلى الحكم عن طريق القياس، أو الاستحسان، أو المصلحة المرسلة، أو الاستصحاب، أو أي طريق من طرق الاستنباط التي نصبت أمارة للدلالة على الحكم، فإنه يشمل بذل الجهد في حالة وجود النص للوصول إلى الحكم الشرعي، الذي دلّ عليه ذلك النص. أما القياس: فهو استفراغ الوسع فيما لا نص فيه، لإلحاقه بما فيه نص، والتسويةِ بينهما في الحكم؛ إذا ثبت اشتراك الواقعتين في العلة، فالاجتهاد أعم من القياس، وهكذا كان كل قياس اجتهادًا، ولا عكس. ٢ - مجال الاجتهاد ما يعرض للمكلف من وقائع؛ سواء أكانت في حدود المنصوص أم في حدود غير المنصوص، ولا كذلك القياس فإن مجاله الوقائع التي لم ترد فيها النصوص. ٣ - كان طبيعيًا والاجتهاد أعم من القياس أن تتعدد طرقه، بحيث تشمل - في حالة وجود النص -: بذل الجد لفهمه وبيانه والتوفيق بين ما ظاهره التعارض من النصوص والترجيح بينها، وبذل الجهد فيما لا نص فيه بالقياس وغيره، بينما لا يرى للقياس إلا طريقة واحدة هي البحث عن العلة للتسوية في الحكم بين الواقعتين.