بحث القاضي، واجتهاد المجتهد، وذلك عن طريق العودة إلى مجموعة النصوص، وتحديد مدلولات اللفظ عند العرب مع الاستعانة الجادة بعرف الشارع ومقاصد الشريعة.
وهكذا مع أن الخفاء في هذا النوع من المبهم، كان من ذات اللفظ، لم يمنع ذلك من إزالة الغموض باجتهاد المجتهد؛ فكانت الحاجة داعية لهذا الاجتهاد: وذلك لتحديد المعنى المراد، الذي به يخرج المكلف من العهدة فيسلك طريق الحِل، ويجتنب طريق الحرمة.
ب - وفي حالة وضع اللفظ للمعنى: قد يكون اللفظ عامًا؛ بحيث يدل بوضعه اللغوي على شموله واستغراقه جميع الأفراد التي يصدق عليها معناه، من غير حصر في كم معين.
وقد يكون خاصًّا بحيث يدل على فرد واحد أو أفراد متعددة محصورة.
ومن وظيفة المفسر: الاجتهاد في معرفة مدى دلالة اللفظ العام، وهل هو باق على عمومه فتتسع دائرة الحكم، بحيث تشمل جميع الأفراد التي تنطوي تحته، أم أنه قد ورد عليه ما يخصصه، فتضيق دائرة الحكم؛ بحيث تُقصَرُ على بعض أفراد العام (١).
وإذا لم يكن عامًّا بل كان خاصًّا: فلا بد من الاجتهاد لتحديد نوعيته؛ فقد يكون مطلقًا بحيث يدل على فرد شائع في جنسه، وقد يكون مقيدًا، وهو على عكس المطلق، فلا بد من الاجتهاد، لمعرفة ما إذا كان المطلق باقيًا على إطلاقه، أم ورد عليه ما يقيده.
والاحتمالات قائمة؛ فليس في كل حالة يوجد فيها مطلق ومقيد، يمكن فيها حمل المطلق على المقيد.
ولدراسة مجموعة النصوص ذات العلاقة، وإدراك مدلولات ألفاظها
(١) راجع فيما يأتي: "مباحث العام في ماهيته ودلالته وتخصيصه".