للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يحتسب ذلك الطهر من الأقراء، وأوجبنا على المرأة أن تتربص ثلاثة أطهار كاملة خلافَ الظهر الذي يقع الطلاق فيه: لزم الزيادة وكانت العدة ثلاثة قروء وبعض القرء، وهو الذي يقع الطلاق فيه.

وفي كلا الحالين - من النقص والزيادة - تفويت لموجَب الخاص، وهو هنا ثلاثة آحاد. أما إذا حملت القروء على مرات الحيض واحتسبت العدة بها - كما قال الحنفية - فإن موجب الخاص وهو الثلاثة قروء يتحقق بثلاث حيضات كوامل، دون زيادة ولا نقصان (١).

وذلك ما ذهب إليه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" عند قوله تعالى: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ وتابعه علماء الأصول كالبزدوي والسرخسي وغيرهما من العلماء.

قال أبو بكر: (واعتبار الطهر فيه يمنع استيفاءها بكمالها فيمن طلقها للسنة، لأن طلاق السنة أن يوقعه في طهر لم يجامعها فيه، فلا بد إذا كان كذلك من أن يصادف طلاقه طهرًا قد مضى بعضه. ثم تعتد بعده بطهرين آخرين - فهذان طهران وبعض الثالث - فلما تعذر استيفاء الثلاثة إذا أراد طلاق السنة علمنا أن المراد الحيض الذي يمكن استيفاء العدد المذكور بكماله (٢).

وقد جاء الجصاص على اعتراض يمكن أن يورده الآخرون، وهو أن الله تعالى قال في كتابه: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧] والمراد شهران وبعض الثالث ولم يعتبر ذلك عدوانًا على مدلول الأشهر.

ومما أجاب به عن هذا الاعتراض المحتمل، أن الأشهُر لم تحصر بعدد وإنما ذكرت بلفظ الجمع، والأقراء محصورة بعدد لا يحتمل الأقل منه وهو


(١) انظر: "الهداية" و "فتح القدير" (٢/ ٢٧٠ - ٢٧٢)، "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" (١/ ٨٠)، "أصول الفقه" للشيخ زكريا البرديسي (ص ٤١١).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" (١/ ٤٣٣ - ٤٣٤) "أصول البزدوي" (١/ ٧٩) فما بعدها مع "كشف الأسرار".

<<  <  ج: ص:  >  >>