للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة. قال أبو بكر: (ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول: رأيت ثلاثة رجال ومرادك رجلان، وجائز أن تقول رأيت رجالًا والمراد رجلان) (١).

والراجح عندنا: أن استخدام قطعية الخاص للاستدلال على أن القروء هي مرات الحيض وأن عدة أولئك المطلقات تحتسب بالحيض لا بالأطهار: هو جانب من الاستدلال أو مما يستأنس به للاستدلال، وإلا فالمسألة من باب "المشترك" (٢). وجميع الفقهاء متفقون على أن القرء موضوع لغة لكل من الطهر والحيض. والأمر بعد ذلك أمر ترجيح بالأدلة والقرائن، ولكل وجهة في الموضوع (٣). وقد أتينا على ذكر المسألة في موطنها من بحث المشترك حيث رأينا أدلة كل من الأئمة على ما يرى أنه الصواب، وأنه هو الذي به يحقق موجب قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] (٤).

٢ - ومن ذلك مسألة فرضية الطمأنينة في الصلاة، فالإمام أبو حنيفة ومعه محمد بن الحسن لا يشترطها لصحة الصلاة، بينما يراها أبو يوسف والإمام الشافعي فرضًا من الفروض لا تصح الصلاة إلا بها.

والأصل عند أبي حنيفة وصاحبه قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ (٥) والركوع يتأدى بأدنى انحناء؛ لأن اللفظ موضوع لغة للميل عن الاستواء يقال: ركعت النخلة إذا مالت، وركع البعير إذا طأطأ رأسه (٦).


(١) المصدر السابق.
(٢) راجع: "أبو حنيفة" (ص ٢٤٧) لأستاذنا الشيخ أبي زهرة. وانظر ما سلف (٢/ ١٢٩).
(٣) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١١١)، "فرق الزواج" لأستاذنا علي الخفيف (ص ٢٣٩) فما بعدها.
(٤) انظر ما سلف (٢/ ١٢٤) فما بعدها.
(٥) قال تعالى في سورة الحج: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)﴾، وراجع: "القرطبي" (١/ ٢٩٣).
(٦) وقال لبيد:
اخبر أخبار القرون التي مضت … أدب كأني كلما قمت راكع

<<  <  ج: ص:  >  >>