للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومن ذلك قوله تعالى في سورة المائدة [الآية: ٦]: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ


= هذا: وقد استدل بحديث المسيء صلاته السابق على وجوب الطمأنينة في أركان الصلاة وبه قال الجمهور. والحنفية - فيما وراء الإمام أبي يوسف - أيضًا لم يتفقوا على السنية، فالناظر في كلام الإمام أبي جعفر الطحاوي مثلًا يراه كالصريح في الوجوب عندهم فإنه ترجم في كتابه "شرح معاني الآثار" مقدار الركوع والسجود، ثم ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله: "سبحان ربي العظيم ثلاثًا في الركوع، سبحان ربي الأعلى ثلاثًا في السجود" وقال: (فذهب قوم إلى أن هذا مقدار الركوع والسجود لا يجزئ أقل منه) … ثم قال: (وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: مقدار الركوع أن يركع حتى يستوي راكعًا، ومقدار السجود أن يسجد حتى يطمئن ساجدًا … ) وذكر بعد ذلك احتجاجهم لذلك بحديث المسيء صلاته، موردًا له روايتين: إحداهما عن رفاعة بن رافع، والثانية عن أبي هريرة، ثم قال: (فأخبر رسول الله في هذين الحديثين بالقرض الذي لا بد منه ولا تتم الصلاة إلا به، فعلمنا أن ما سوى ذلك إنما أريد أنه أدنى ما يبتغى من الفضل، وإن كان ذلك الحديث - الذي ذلك فيه - منقطعًا عنه غير مكافئ لهذين الحديثين في إسنادهما، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى) "شرح معاني الآثار": (١/ ١٣٧)، وانظر: "فتح الباري": (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١) أميرية.
وقال ابن دقيق العيد - من الشافعية -: (تكرر من الفقهاء، الاستدلال على وجوب ما ذكر في الحديث - حديث قم فصل - وعدم وجوب ما لم يذكر فيه. فأما وجوب ما ذكر فيه: فلتعلق الأمر به، وأما عدم وجوب غيره: فليس ذلك لمجرد كون الأصل عدم الوجوب، بل لأمر زائد على ذلك، وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل، وتعريف لواجبات الصلاة، وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكر … ويتقوى ذلك بكونه ذكر ما تعلقت به الإساءة … قال : إذا تقرر هذا فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه، وكان مذكورًا في هذا الحديث، فلنا أن نتمسك في وجوبه وبالعكس … لكن يحتاج إلى جمع طرق هذا الحديث، وإحصاء الأمور المذكورة فيه، والأخذ بالزائد فالزائد، ثم إنْ عارضَ الوجوبَ أو عدمه، دليل أقوى منه: عُمل به، وإن جاءت صيغة الأمر في حديث آخر بشيء لم يذكر في هذا الحديث: قدمت)، "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (١/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
وانظر: "فتح الباري" (٢/ ٢٣٠ - ٢٣٢) حيث نقل الحافظ كلام ابن دقيق العيد، ثم كيف امتثل ما أشار إليه لجميع طرق الحديث القوية، وأهمل الزيادات التي اشتملت عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>