للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾.

فدلالة الآية على أفعال الوضوء من غسل ومسح ثابتة بهذا النص على وجه القطع، فلا تحتمل البيان وراء ذلك.

فاشتراط النية كما في قوله : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (١)، واشتراط التسمية كما في قوله : "لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه" (٢) ليكون كل من النية والتسمية فرضًا لا يزول الحدث بدونه مع وجود الغسل والمسح، لا يكون عملًا بالخاص، وإنما يكون من باب نسخ القطعي، وهو الخاص، بالظني وهو خبر الواحد.

وهكذا فإن الآية عند الحنفية لا تحتاج إلى بيان من ذاتها، والحديثان المذكورات وأمثالهما أحاديث آحاد لا تقوى على نسخ القرآن (٣).

هذه مسائل قليلة من عدد كثير ذكره البزدوي والسرخسي، وتابعهما فيها أو في أكثرها الأصوليون الذين أتوا بعدهما من الحنفية، وأنت ترى أنا أتينا بنموذجين من هذه المسائل:

أولهما: مسألة القروء وأنها مرات الحيض تحقيقًا لموجب النص.

والثاني: ثلاث مسائل من الوضوء والصلاة، وقوامها أن الخاص القطعي لا يقوى على بيانه حديث الآحاد الظني.

والنموذجان وإن كانا يلتقيان عند تأكيد قطعية الخاص، وبناء الحكم عليها بناء يحقق موجَبَهُ فيما وضع له دون أن يحتمل البيان، إلا أن مسألة


(١) من حديث عمر الذي أخرجه أحمد (١٦٨) وأصحاب الكتب الستة: البخاري (٥٤) ومسلم (١٩٠٧)، أبو داود (٢٢٠١) الترمذي (١٦٤٧)، النسائي (٧٥)، ابن ماجه (٤٢٢٧).
(٢) رواه أحمد (٩٤١٨)، وأبو داود (١٠١)، وابن ماجه (٣٩٩). وانظر: "منتقى الأخبار" و "نيل الأوطار" (١/ ١٥٠).
(٣) وراجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٢٨، ١٢٩): "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٨٣)، "الهداية" و"فتح القدير" (١/ ١٣ - ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>