للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقراء تحقيق مجرد للقطعية يرتبط به الحكم، دون أن يكون هنالك بحث حول دليل ظني كخبر الآحاد يراد بيان الخاص عن طريقه.

ففي اعتبار أن القروء مرات الحيض، وأن بها تحتسب عدة ذلك النوع من المطلقات، تحقيق لموجَب الخاص فيما وضع له، ولقد قلنا هناك: إن المسألة من بحث "المشترك"، وموضوع الخاص فيها جانب من الاستدلال أو مما يستأنس به للاستدلال.

هذه حال النموذج الأول. أما النموذج الثاني: ففيه زيادة على الأول، وهي أن الحكم مرتبط بعدم بيان الخاص بالظني وهو خبر الآحاد؛ فالطمأنينة في الصلاة: القول بفرضيتها ترك لموجَب الخاص، وذلك ببيانه بالظني مع أنه هو قطعي.

وكذلك الأمر في فرض التسمية والنية للوضوء، فإنَّ مرد القول بعدم الفرضية في ذلك كله، الوقوف عند مدلول الخاص ودلالته القطعية عليه.

ولعل من المفيد أن نشير إلى أن الأصوليين لم يرد في كلامهم ما يشعر بنسبة قاعدة قطعية الخاص إلى الإمام أبي حنيفة وأصحابه وإنما أسندوها إلى علمائهم (١).

وقد أشرنا من قبل إلى جهود أولئك الأعلام في الاستقراء لربط ما ورد عن أئمة المذهب من جزئيات بقواعد أصولية (٢)، ونحن إذا كنا نحمد لهم هذا الصنيع الكريم، فما نحسب أن فقهاء العراق كان الأمر في هذه النقطة عندهم أمر "خاص قطعي" و"خبر آحاد ظني"، وإنما مرد الأمر - كما تمليه ظروفهم وصلتهم بالحديث - حيطة في الأخذ بخبر الواحد ما أمكن العمل بالنص القرآني.

وأكثر من هذا: لعل ما بلغ أبا يوسف من حديث الاطمئنان في الصلاة


(١) راجع: "أصول البزدوي" (١/ ٧٩) فما بعدها، "أصول السرخسي": (١/ ١٢٨).
(٢) انظر ما سلف (٢/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>