للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ - فإن اتحد الحكم والسبب الذي بني عليه الحكم في النصين الواردين؛ فالاتفاق حاصل بين العلماء على اعتبار المقيد بيانًا المطلق وحمل المطلق عليه.

على أن بعضهم نقل اختلافًا عن الحنفية، وأن بعضهم ذهب إلى الحمل، والآخر ذهب إلى عدمه. ونقل آخرون اختلافًا عن المالكية وبعض الحنابلة، ولكن المحققين صححوا أنه لا خلاف يعتد به.

قال الشوكاني : (وقد نقل الاتفاق في هذا القسم القاضي أبو بكر الباقلاني والقاضي عبد الوهاب وابن فورك والكيا الطبري وغيرهم. وقال ابن برهان في "الأوسط": اختلف أصحاب أبي حنيفة في هذا القسم فذهب بعضهم إلى أنه لا يحمل، والصحيح من مذهبهم أنه يحمل. ونقل أبو زيد الحنفي وأبو منصور الماتريدي في "تفسيره" أن أبا حنيفة يقول بالحمل في هذه الصورة. وحكى الطرطوسي الخلاف فيه عن المالكية وبعض الحنابلة. وفيه نظر فإن من جملة من نقل الاتفاق القاضي عبد الوهاب وهو من المالكية) (١).

مثال ذلك قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣] وقوله جلَّ ثناؤه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ﴾ [الأنعام: ١٤٥]. والدم المسفوح هو الدم المهراق الذي سال عن مكانه (٢).


(١) انظر: "إرشاد الفحول" (ص ١٥٤) مطبعة السعادة.
(٢) قال ابن جرير: (يقال منه: سفحت دمه، إذا أرقته، أسفحه سفحًا، فهو دم مسفوح كما قال طرفة بن العبد:
إنسي وجدّك ما هجوتك … والأنصاب يسفَح فوقهن دم
وكما قال عبيد بن الأبرص:
إذا ما عاده منها نساءٌ … سفحن الدمع من بعد الرنين
يعني: صببن وأسلن الدمع)، "تفسير الطبري" (١٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>