للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩)[المرسلات] (١).

فدلت الآية على ذم هؤلاء القوم بأنهم لا يركعون إذا أمروا بالركوع، وقد جاء الذم من ترك ما أمروا بفعله فلم يفعلوه، ولو كان الأمر لا يفيد الوجوب، لما كان تركهم لما أمروا به سببًا لذمهم ومقت الله إياهم (٢).

وقد يرد على هذا الاستدلال: أن الذم إنما كان بسبب كفرهم. ولكنه مدفوع بأنه تعالى ذمهم على كفرهم من وجوه كثيرة، إلا أن ذمه لهم في هذه الآية إنما كان - كما هو النص - لأنهم تركوا الامتثال، فلم يفعلوا المأمور به.

فعلم أن ترك المأمور به مدعاة للإنكار والذم، وأن المأمور لا يخرج من العهدة إلا بامتثال ما أمر به، والإتيانِ بما اقتضته صيغة الأمر (٣).

٣ - قال الله جلَّ ثناؤه: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)(٤).

يلاحظ في هذا النص القرآني أن الله ﷿ يحذر الذين يخالفون أمره أن تحل بهم المحنة في الدنيا، أو يصيبهم العذاب الأليم في الآخرة.


(١) قيل: نزلت الآية في ثقيف حين أمرهم رسول الله بالصلاة فقالوا: لا ننحني فإنها مسبة علينا، أخرجه أبو داود وأحمد وابن أبي شيبة والطبراني. وانظر: "الكشاف للزمخشري مع الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر" (٤/ ٥٤٦) "تفسير القرطبي" (١٩/ ١٦٦).
(٢) راجع: "الإسنوي على المنهاج" (١/ ٢٦٠)، "إرشاد الفحول" (ص ٨٩).
(٣) راجع: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٠٤)، "طلعة الشمس" للسالمي الإباضي (٢/ ٣٩)، "إرشاد الفحول" (ص ٨٩).
(٤) سورة النور، والآية هي قوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>