للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين قال: (والشافعي حمل أوامر الشرع على الوجوب. وقد أصاب؛ إذ ثبت لنا بالقرائن أن من خالف أمر رسول الله : عصى وتعرض للعقاب) (١).

٤ - ومما استدل به القائلون بالوجوب: ما يقرره القرآن من الحكم على تارك المأمور به أنه عاص، وذلك في قوله تعالى على لسان موسى يخاطب أخاه هارون : ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣)[طه] حين ترك مقتضى ما أمره به وهو أن يخلفه في قومه، فقد قال له من قبل ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾ [الأعراف: ١٤٢] وهو أمر مجرد عن أي قرينة. وكذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ [الجن: ٢٣].

ففي هذا دلالة على أن تارك الأمر عاص. ولقد اعتبر ابن الحاجب وشارحه العضد، أن الاستدلال على الوجوب بهاتين الآيتين بيِّن لا يحتاج إلى تفصيل (٢) وذلك ما ذهب إليه ابن الهمام حين قرر أن العاصي متوعَّد وذلك بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ فترتيب الوعيد على الترك - كما يقول - دليل الوجوب (٣).

٥ - ومن الأدلة على أن الأمر الموجوب: قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ


(١) انظر: "المنخول" (ص ١٠٨).
(٢) جاء في "مختصر المنتهى وشرحه" (٢/ ٨٠): (ولنا أيضًا أن تارك المأمور به عاص، وكل عاص متوعد. وهو دليل الوجوب. أما الأول فلقوله: ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ أي تركت مقتضاه، إجماعًا. وأما الثاني فلقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ والثالث بيّن.
وانظر: "نهاية السول شرح الإسنوي لمنهاج البيضاوي" (١/ ٢٦٤)، "إرشاد الفحول" للشوكاني (ص ٩٠)، "الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية" (ص ٥٢)، "غاية السول في علم الأصول" للزيدية (ص ١٠٩).
(٣) راجع: "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٥٠) وإن كان ابن الهمام يرى أن الأمر في قوله: ﴿اخْلُفْنِي﴾ ليس مجردًا عن القرينة التي تدل على الوجوب وهي قوله: ﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢)﴾ [الأعراف].

<<  <  ج: ص:  >  >>