للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه نفى الأمر مع ثبوت الندبية، ولو كان الندب لما جاز النفي.

ثانيهما: أنه جعل الأمر للمشقة عليهم، وإنما يتحقق إذا كان للوجوب، إذ الندب لا مشقة فيه، لأنه جائز الترك (١).

ولقد كان من آثار ذلك، عملًا بهذا الحديث، أن اتجه جمهور العلماء إلى عدم وجوب السواك؛ لأن الرسول لو أراد من الأمة أن تفعله: لأمرهم به، شق عليهم أو لم يشق، ويبقى حكم الاستياك في حيز الندب والاستحباب (٢).


(١) راجع: الزرقاني في "الشرح الموطأ" (١/ ١٣٣).
(٢) قال ابن قدامة: (أكثر أهل العلم يرون السواك سنة غير واجب، ولا نعلم أحدًا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود لأنه مأمور به والأمر يقتضي الوجوب) "المغني" (١/ ٩٥).
وما يستند إليه داود وإسحاق بن راهويه هو ما رواه أبو داود من طريق عبد الله بن حنظلة: "أن النبي أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك عند كل صلاة".
والذي نقله الزرقاني عن إسحاق بن راهويه أنه قال: هو واجب لكل صلاة فمن تركه عامدًا بطلت صلاته، قال: وعن داود هو واجب ولكن ليس شرطًا.
ونفى الزرقاني أن يكون قد ثبت شيء مما يروى في ورود الأمر بالسواك على إطلاقه، وذلك كالذي رواه ابن ماجه عن أبي أمامة مرفوعًا: "تسوكوا" وما رواه أحمد على هذا النحو وذلك في حديث ابن عباس. "الموطأ" مع "شرحه" للزرقاني (١/ ١٣٣).
وهكذا لا يبقى لدى من يقول بالوجوب إلا حديث استبدال الوضوء لكل صلاة بالسواك الذي رواه أبو داود من طريق حنظلة.
هذا وحديث أبي داود الذي جعل السواك فيه بدلًا عن الوضوء لكل صلاة لم يعرض له الخطابي عند شرحه لما ورد في شأن السواك من "سنن أبي داود" وإنما أورد الحديث ثم قال:
(فيه من الفقه أن السواك غير واجب وذلك أن كلمة "لولا" كلمة تمنع الشيء لوقوع غيره، فصار الوجوب بها ممنوعًا، ولو كان السواك واجبًا لأمر به شق أو لم يشق) "معالم السنن" (١/ ٢٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>