هذا: وقد جرت محاولة للجمع بين الحديثين من أبي جعفر الطحاوي وابن قدامة المقدسي. أما أبو جعفر الطحاوي: فقد نفى أن يكون السواك واجبًا عملًا بحديث: "لولا أن أشق على أمتي. . ." والمأمور في حديث ابن حنظلة إنما هو النبي ﷺ ولا علاقة للأمة به "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٥ - ٢٨). فقد أتى أبو جعفر بالحديثين. وبعد أن أخذ عن حديث ابن حنظلة نسخ الوضوء لكل صلاة وأن الوضوء يجزئ ما لم يكن الحدث، وبعد أن بين مجال كل من الحديثين، قال ﵀: (فثبت بقوله ﷺ: "لولا أن أشق على أُمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أنه لم يأمرهم بذلك، وأن ذلك ليس عليهم، وأن في ارتفاع ذلك عنهم - وهو المجعول بدلًا من الوضوء لكل صلاة - على أن الوضوء لكل صلاة لم يكن عليهم ولا أُمروا به، وأن المأمور به النبي ﷺ دونهم، وأن حكمه كان في ذلك غير حكمهم). وهكذا ترى أن أبا جعفر الطحاوي أخرج حديث ابن حنظلة عن حيز المعارضة لحديث "لولا أن أشق. . ." فالأول خاص بالرسول صلوات الله عليه، والثاني يثبت أن الأمر بالسواك لم يحصل. والسواك جعل بالحديث الأول بدلًا من الوضوء لكل صلاة، والأمة لم تؤمر في الأصل بالوضوء لكل صلاة، بدليل أنها لم تؤمر بالسواك الذي جعل بدلًا عن الوضوء لكل صلاة. فلا البدل ولا المبدل منه تعلق واحد منهما بالأمة، وإذن فالسواك لكل صلاة خاص بالرسول ﵇، وأما بالنسبة لأمته فذلك غير واجب بل هو أمر مستحب. أما ابن قدامة فقد أورد الحديثين وأراد الجمع بينهما من أحد طريقين: أ - فإما أن يقال: إن الأمر في حديث القائلين بالوجوب هو أمر ندب واستحباب لأن الذي امتنع في حديث: "لولا أن أشق. . ." أمر إيجاب. ب - وإما أن يقال: إن ما جاء في حديث استبدال الوضوء لكل صلاة بالسواك يحتمل أنه كان واجبًا على النبي ﷺ بالخصوص. وهكذا أراد ابن قدامة الجمع بين الحديثين بأحد طريقين كان أحدهما احتمال أن يكون الوجوب في حق النبي ﷺ على الخصوص. "المغني" (١/ ٩٥). =