للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن يستنتج منه ما أراد (١)، ولو أن في القضية قاعدة أصولية من وضع أبي يوسف أو محمد بن الحسن لذكرها، ونجد مثل ذلك في كثير من القواعد التي لا تراه يستدل لها إلا بفروع منقولة عن الأئمة الأولين؛ فما دامت الفروع بهذا الشكل فمعنى ذلك في نظره أن القاعدة الأصولية هي: كيت وكيت.

وجرى على هذه الطريقة من جاء بعد الجصاص من المؤلفين؛ يرى ذلك بوضوح عند البزدوي والسرخسي وغيرهما. فمثلًا: البزدوي في حديثه عن دلالة العام هل هي قطعية أو ظنية يقرر أنها قطعية لأن: (على هذا ذات فروع أصحابنا) (٢). والسرخسي في بحث دلالة النص، وإثبات أنها ليست قياسًا، يستدل على ذلك بكثير من الفروع الفقهية المروية عن أئمة المذهب (٣). ومثل ذلك كثير.

وهكذا كانت رسالة الإمام الشافعي، حدثًا جديدًا أدخل تفسير نصوص الأحكام من الكتاب والسنّة، في طور علمي محدد القواعد، منضبط القوانين والموازين، وحسبها أنها فتحت الآفاق، ومهّدت السبيل حتى جاء الكاتبون بعد الشافعي، فتابعوا الطريق، حيث أوسعوا القول بتلك القواعد والقوانين، وعملوا على تنمية علم أصول الفقه وتنسيقه وتحرير مسائله، وإن كانت بعض المباحث قد زيدت فيه، وهي بعلم الكلام أوْلى وأحرى.

ويبدو أن الأمر بالنسبة للشافعي لم يقتصر على "الرسالة" فقط، بل إن آثارًا متعددة لهذا الإمام بحثت في أصول الفقه وتفسير النصوص (٤) كالذي نرى في كتابه الموسوعي "الأم" وغيره من مصنفاته.


(١) راجع: "أصول الفقه" للجصاص (١/ ٤٩ ب) مخطوطة دار الكتب المصرية، وانظر ما يأتي في مبحث: "مفهوم المخالفة".
(٢) راجع: "أصول البزدوي" (١/ ٢٩١) فما بعدها.
(٣) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ٢٤١ - ٢٤٢).
(٤) انظر: "البحر المحيط" للزركشي مخطوط دار الكتب المصرية وقد طبع محققًا، و "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام" للدكتور علي سامي النشار (ص ٩ - ١٠) وقال الزركشي =

<<  <  ج: ص:  >  >>