للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالإباحة، فلئن كانت الصيغة في الإطلاق موضوعة للاقتضاء، فهي مع الحظر مشكلة فتعين الوقوف إلى البيان) (١).

ب - أما الغزالي: فالمختار عنده التفريق بين حالتين:

أولهما: ما إذا كان الحظر السابق عارضًا لعلة وعلقت صيغة "افعل" بزوالها.

الثانية: ما إذا لم يكن الحظر السابق لعلة، ولا صيغة "افعل" علقت بزوالها.

فإذا كان الحظر السابق عارضًا لعلة وعلقت صيغة "افعل" بزوالها كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] فعرف الاستعمال يدل على أنه لرفع الذم فقط، حتى يرجع حكمه إلى ما قبله، وإن احتمل أن يكون رفع هذا الحظر بندب وإباحة، لكن الأغلب ما ذكرناه، كقوله تعالى: ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠] وكقوله : "كنت نهيتكم من لحوم الأضاحي فادخروا.

أما إذا لم يكن الحظر عارضًا لعلة، ولا صيغة "افعل" علقت بزوالها: فيبقى موجب الصيغة على أصل التردد بين الندب والإباحة، قال الغزالي: (ونزيح هاهنا احتمال الإباحة، ويكون هذا قرينة تزيح هذا الاحتمال وإن لم تعينه. إذ لا يمكن دعوى عرف الاستعمال في هذه الصيغة حتى يغلب العرف الوضع) (٢).

وهذا التفريق بين الحالتين عند الغزالي منوط بما إذا ورد الأمر بصيغة "افعل" فإذا لم ترد صيغة "افعل" لكن قال مثلًا: فإذا حللتم فأنتم مأمورون بالاصطياد، فهذا في نظر أبي حامد يحتمل الوجوب والندب ولا يحتمل الإباحة لأنه عرف في هذه الصورة، وقوله: "أمرتكم بكذا" يضاهي قوله: "افعل" في جميع المواضع لا في هذه الصورة وما يقرب منها (٣).


(١) راجع: "البرهان" (١/ لوحة ٦٠/ أ) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٢) راجع: "المستصفى " (١/ ٤٣٥) مع "مسلم الثبوت".
(٣) راجع: "المستصفى" (١/ ٤٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>