للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلماء متفقون على أن هذا النوع من النهي، يقتضي بطلان المنهي عنه؛ فإذا أتى به المكلف يقع باطلًا غير مشروع أصلًا، فلا يترتب عليه أي أثر من الآثار التي رتبها الشارع على العمل المشروع، فلا يمنع وجوب القضاء في العبادة، ولا ينتج في العقود، فلا يكون البيع مثلًا سببًا للملك؛ والتزوج بالمحارم لا ينعقد، فلا يثبت به نسب، ولا مصاهرة، ولا توارث لانعدام محل العقد.

وصلاة المحدث باطلة، لانعدام ركن الطهارة فلا يترتب عليها ثواب، ولا تسقط بها الفريضة.

وبيع الميتة باطل أيضًا؛ لاختلال ركن من أركان العقد وهو المبيع. وقل مثل ذلك في المضامين والملاقيح وحبل الحملة؛ فمحل العقد - وهو المبيع - معدوم وانعدام المحل أبطل شرعية هذا البيع، فلم يكن سببًا من أسباب الملك الذي لا يقوم إلا بالمحل (١).

ومما استدل به العلماء على ما اتفقوا عليه من أن النهي عن العمل لذاته وحقيقته، يقتضي البطلان والفساد: قوله : "مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢) والمنهي عنه هو على غير أمر الشارع قطعًا، إذ المنهي عنه ليس مأمورًا به، ولذلك يكون مردودًا بنص الحديث،


(١) قال ابن هبيرة في شأن المضامين والملاقيح وجبل الحلة: (واتفقوا - يعني أرباب المذاهب - على أن بيع المضامين - وهو بيع ما في بطون الأنعام - وبيع الملاقيح - وهو بيع ما في ظهورها - وبيع حبل الحبلة - وهو نتاج الجنين - باطل).
راجع: "الإفصاح عن معاني الصحاح" لابن هبيرة الحنبلي: (ص ١٨٦). وانظر: ابن الهمام في "فتح القدير" حيث يقول: (وإنما بطل هذا البيع فعسى أن لا تلد تلك الناقة أو تموت قبل ذلك) (٥/ ١٩٢).
(٢) أخرجه من رواية عائشة أحمد في "مسنده" (٢٥١٢٨) و (٢٤٤٥٠)، ومسلم (١٧١٨)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص ٤٣). وانظر: "التعليق المغني على الدارقطني" (٥/ ٤٠٣) وهو عند ابن حبان (٢٦) و (٢٧)، الدارقطني (٤٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>