للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي باطلًا لا حكم له، فهو معدوم المشروعية أصلًا، لا يترتب عليه أي أثر من آثار العمل المشروع (١).

ثم إن الصحابة ومن بعدهم كانوا دائمًا يستدلون على بطلان الأفعال والعقود: بنهي الشارع عنها من غير نكير من أحد منهم، وذلك كاستدلال ابن عمر على بطلان نكاح المشركات بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢١] واستدلالهم على تحريم الربا بما ورد من النهي في الكتاب والسنة، ومثل ذلك كثير (٢).

الحالة الثانية: أن يكون النهي عن العمل لوصف مجاور ينفك عنه، فهو غير لازم له، كالنهي عن الصلاة في الثوب المسروق (٣) والصلاة في الأرض المغصوبة (٤). والنهي من البيع وقت النداء للجمعة (٥)، والنهي من الوطء في الحيض (٦). . . ففي هذه الحال يرى جمهور العلماء أن النهي لا يقتضي بطلان العمل ولا فساده، بل يبقى صحيحًا يتصف بالمشروعية وتترتب عليه آثاره المقصودة منه، إلا أنه يكون مكروهًا فيترتب على فاعله الإثم.

وذلك لأن جهة المشروعية فيه: تخالف جهة النهي، فلا تلازم بينهما؛


(١) جاء في "فيض القدير" للمناوي: (وفيه - يعني الحديث - دليل للقاعدة الأصولية أن مطلق النهي يقتضي الفساد؛ لأن المنهي عنه مخترع محدث، وقد حكم عليه بالرد المستلزم للفساد، قاله الشيخ ابن حجر الهيتمي: وزعم أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الواحد باطل، قال العلائي: وفيه أيضًا دليل على اعتبار ما المسلمون عليه من جهة الأمر الشرعي أو العادة المستقرة؛ فإن عموم قوله: "ليس عليه أمرنا" يشمله) قال: (وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة). انظر: "فيض القدير شرح الجامع الصغير" للسيوطي (٦/ ١٨٣ - ١٨٣).
(٢) راجع: "مختصر المنتهى" مع "العضد" و"السعد" (٢/ ٩٦)، الآمدي في "الإحكام" (٢/ ٢٧٩ - ٢٨٢)، "إرشاد الفحول" (ص ١٠٤).
(٣) راجع: "الفروق" للقرافي (٢/ ٨٥).
(٤) راجع: "المهذب" للشيرازي (١/ ٦٤)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢١٧).
(٥) انظر: "المهذب" للشيرازي (١/ ١١٠)، "أصول السرخسي" (١/ ٨١).
(٦) راجع: "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>