للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا قول عطاء والحسن وابن أبي ليلى والزهري وربيعة، والأوزاعي، وقالت طائفة: لهم الرجوع في ذَلِكَ إن أحبوا. هذا قول ابن مسعود وشريح والحكم وطاوس، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأبي ثور، وقال مالك: إذا أذنوا له في صحته فلهم أن يرجعوا، وإن أذنوا له في مرضه وحين يحجب عن ماله فذلك جائز عليهم، وهو قول إسحاق. وعن مالك أيضًا: لا رجوع لهم إلا أن يكونوا في كفالته فرجعوا. وقال المنذري: إنما تبطل الوصية للوارث في قول أكثر أهل العلم من أجل حقوق سائر الورثة، فإذا أجازوها جازت كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث، وذهب بعضهم إلى أنها لا تجوز وإن أجازوها؛ لأن المنع لحق الشرع، فلو جوَّزناها كنا قد استعملنا الحكم المنسوخ، وذلك غير جائز، وهذا قول أهل الظاهر. قَالَ أبو عمر: وهو قول عبد الرحمن بن كيسان والمزني (١). قَالَ ابن حزم: إلا أن يبتدأ الورثة هبة لذلك من عند أنفسهم (٢).

حجة الأول أن المنع إنما وقع من أجل الورثة، فإذا أجازوه جاز

وصار بمنزلة أن يجب لهم على إنسان مال فيبرئوه منه، وقد اتفقوا على أنه إذا أوصى بأكثر من الثلث لأجنبي جاز بإجازتهم، فكذلك هذا. وحجة من أجاز الرجوع أنهم أجازوا شيئًا لم يملكوه في ذَلِكَ الوقت، وإنما يملك المال بعد وفاته، وقد يموت الوارث المستأذن قبله ولا يكون وارثًا، وقد يرثه غيره، وقد أجاز من لا حق له فيه فلا يلزمه شيء.


(١) "التمهيد" ٨/ ٣٨١.
(٢) "المحلى" ٩/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>