٢٧٧٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا بَنِي النَّجَّارِ، ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ". قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللهِ. [انظر: ٢٣٤ - مسلم: ٥٢٤ - فتح: ٥/ ٤٠٩]
تقدم قريبًا بحديثه (١).
وإنما قال لهم رسول الله:"ثَامِنُونِي" أي: اطلبوا ثمن حائطكم مني ليبتاعه لمكان المسجد، فقالوا له: لا نبتغي الثمن فيه إلا من الله. فكان ذَلِكَ تسليمًا منهم للحائط وإخراجًا له من ملكهم لله لا يجوز رجوعهم فيه، وأجاز ذَلِكَ، وكان من فعلهم بمنزلة ما لو اشتراه ووقفه لمكان المسجد.
فإن قلت: قولهم: (لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله). ليسَ من الألفاظ الموجبة للتحبيس والوقف عند الفقهاء، وإنما يوجب التحبيس عندهم قوله: هو حبس صدقة، أو: حبس مؤبد، أو: حبس. فقط عند مالك على ما سلف. قلتُ: لما اقترن ذَلِكَ مما علموه من ابتياعه منهم لمكان المسجد قام ذَلِكَ مقام قولهم: هو حبس لله. ولا خلاف أنه لو قَالَ رجل: جعلت داري هذِه مسجدًا. أنها وقف غير ملك.
وقولهم:(لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى الله). كما تقول: طلبت إلى الله، ومن الله. بمعنى واحد.