ذكر فيه حديث مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَذهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَسَمِعَ صوْتَ (صَائِحَةٍ)(١)، فَقِيلَ ابنةُ عَمْرٍو -أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو- فَقَالَ:"لِمَ تَبْكِي -أَوْ: لَا تَبْكِي- مَا زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا". قُلْتُ لِصَدَقَةَ -أي: ابن الفضل؛ شيخ البخاري-: أَفِيهِ: "حَتى رُفِعَ"؟ قَالَ: رُبَّمَا قَالَهُ.
هذا الحديث سلف، وفيه من فضل الشهادة وضع الملائكةِ أجنحَتها عليه رحمة له، كما نبه عليه المهلب.
وفيه: أن النياحة ليست الشدة في النهي عنها إلا إذا كان معها شيء من أفعال الجاهلية، من شق وخمش ودعوى الجاهلية، على ما سلف في الجنائز.
وفيه: أن الشهيد والرجل الصالح ومن يرجى له الخير لا يحب أن يبكى عليه، ألا ترى أنه قَالَ لها:"لم تبكي؟ " فأخبرها بالأمن عليه في الآخرة، وإنما البكاء لمن يُخشى عليه النار، وشهد لهذا المعنى حديث
(١) في هامش الأصل: في أصله: نائحة، ومقتضى ما شرحه أن تكون كذلك.