وهو دال على أن ثياب السلف في الحضر لم تكن أكمامها بضيق أكمام هذِه الجبة التي لبسها - صلى الله عليه وسلم - في سفره؛ لأنه لم يذكر عنه أنه أخرج يديه من تحت ثيابه لضيق كميه إلا في هذِه المرة، ولو فعله في الحضر دائمًا لنقل.
وفيه: دلالة أيضًا أن ثياب السفر أخصر من ثياب الحضر، فلباس الأكمام الضيقة والواسعة جائز إذا لم يكن مثل سعة أكمام النساء؛ لأن زي النساء لا يجوز للرجال استعماله على ما سنعلمه في كتاب الزينة، وقد كره مالك للرجل سعة الثوب وطوله، وأما لباس الصوف فجائز في الغزو وغيره إذا لم يرد لابسه به الشهرة.
وسئل مالك عن لباس الصوف الغليظ، فقال: لا خير فيه في الشهرة، ولو كان يلبسه تارة وينزعه أخرى لرجوت، وأما المواظبة حتى يعرف به ويشتهر فلا أحبه، ومن غليظ القطن ما هو في ثمنه وأبعد من الشهرة منه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - للرجل: