ثم ساق فيه حديث ابن عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ: سَأَلْتُكَ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ الحَرْبَ سِجَالٌ وَدُوَلٌ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ.
هذا الحديث سيق أول الكتاب بطوله، والمراد بالآية: الفتح والغنيمة، أو الشهادة والجنة، كما قاله المهلب، وهو قول جماعة أهل التأويل (١)، واللفظ لفظ استفهام، والمعنى التوبيخ.
فإن قلتَ: أغفل البخاري أن يذكر تفسير الآية في الباب، وذكر حديث ابن عباس: أن الحرب سجال؛ فما تعلقه بالآية التي ترجم لها؟
فالجواب: تعلقه بها صحيح، والآية مصدقة للحديث، والحديث مبين للآية، وإذا كان الحرب سجالًا فذلك إحدى الحسنيين؛ لأنها إن كانت علينا فهي الشهادة، وتلك أكبر الحسنيين، وإن كانت لنا فهي الغنيمة وتلك أصغر الحسنيين؛ فالحديث مطابق لمعنى الآية، فكل
(١) هو قول ابن عباس ومجاهد، رواه عنهما الطبري ٦/ ٣٨٩ (١٦٨١١ - ١٦٨١٥)، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨١٢ (١٠٣١٧ - ١٠٣١٨).