ذكر فيه حديث ابن عَباسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ:«لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟». قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ:«أَنِكْتَهَا؟». لَا يَكْنِي. قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ.
الشرح:
هو دال على ما ترجم له، وهو جواز التلقين في الحدود ما يدرأ به عنه الأذى، ألا ترى أنه - عليه السلام - قال له:"لعلك قبلت .. " إلى آخره ليدرأ عنه الحد، لفظ الزنا يقع على نظر العين وجميع الجوارح، فلما أتى بلفظ مشترك لم يحده حتى وقف على صحيح ما أتاه بغير إشكال؛ لأن من شريعته درء الحدود بالشبهات، فلما أفصح وبين أمر برجمه، وهو دال على أن الحدود لا تقام إلا بالإفصاح.
ألا ترى أن الشهود لو شهدوا على رجل بالزنا، ولم يقولوا: رأيناه أولج فيها، كان حكمهم حكم من قذف لا حكم من شهد؛ رفقًا من الله بعباده وسترًا عليهم ليتوبوا، وقد استعمل التلقين بالإيماء أيضًا الصحابة الراشدون بعده، عمر وعلي وابن مسعود.