وقام الإجماع على أن من وجب عليه الحد سواء كان بلغ النفس أم لا أنه لا يمنع شرب الماء لئلا يجتمع عليه عذابان، وقد أمرنا بإحسان القتلة وأن نذبح الذبيحة بحد الشفرة والإجهاز عليها.
ومعنى ترك سقي العرنيين هو كمعنى ترك حسمهم، ويحتمل كما قال المهلب أن يكون تركه عقوبة لهم لما جازوا سقي رسول الله لهم اللبن حتى انتعشوا بالارتداد والحرابة والقتل، فأراد أن يعاقبهم على كفر السقي بالإعطاش فكانت العقوبة مطابقة للذنب. وفيه وجه آخر قريب من هذا، روى ابن وهب عن معاوية بن صالح ويحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب -وذكر هذا الحديث-: فعمدوا إلى الراعي -غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه واستاقوا اللقاح، فزعم أنه - عليه السلام - قال:"عطش الله من عطش آل محمد الليلة"(١).
فكان ترك سقيهم إجابة لدعوته - صلى الله عليه وسلم -.