ذكر فيه حديث أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ -أَوْ قَالَ: أَخِيهِ- لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ". فَأَنْزَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- تصديقه:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}. الحديث.
وقد سلف، وذكرنا الخلاف في أوائل الأيمان فيمن حلف بالعهد هل هو يمين، أو كناية فيه. احتج الأول بقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ}[آل عمران: ٧٧] الآية المذكورة، فخص عهد الله بالتقدمة على سائر الأيمان، فدل على تأكيد الحلف به، وخشية التقصير في الوفاء به؛ لأن عهد الله ما أخذه على عباده، وما أعطاه عباده. قال تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ} الآية [التوبة: ٧٥]، فذمهم على ترك الوفاء؛ لأن تاركه مستخف بمن كان عاهده في منعه ما كان عاهده.
قال ابن القصار: واحتجوا بقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ}[النحل: ٩١] ثم عطف عليه بقوله {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ