للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث والقرآن، فذلك في الحقيقة سفسطة بلا برهان، .. وما الحق إلا فيما قاله - صلى الله عليه وسلم - أو عمل به، أو قرره أو أشار إليه، أو تفكَّر فيه، أو خطر بباله، أو هجس بخلده واستقام عليه، .. فياله من علمٍ سيط بدمه الحق والهُدى، ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العُلى (١).

* أهمية الإسناد وفضله، وبيان أنه من خصائص هذه الأمة:

لقد خص الله -سبحانه وتعالى- هذِه الأمة المحمدية بالإسناد، وأن الوقائع كانت تروى بالسند المتصل ساعة حدوثها إلى أن استودعت في بطون الكتب، ينقلها الرواة طبقة بعد طبقة، وهذا الإسناد لا يوجد عند الأمم الأخرى، حيث أغفلته، ولم تتنبه إليه.

قال أبو عليّ الجيّاني ت ٤٩٨ هـ: "خص الله تعالى هذِه الأمة بثلاثة أشياء لم يُعطها مَنْ قبلَها: الإسناد، والأنساب، والإعراب" (٢)، وروي هذا أيضًا عن أبي بكر محمد بن أحمد.

وقال محمد بن حاتم بن المظفر: إن الله قد أكرم هذِه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد، إنما هو صحف في أيديهم، وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم.

فليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات.

وهذِه الأمة إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه، المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم؛ ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط،


(١) "الحطة في ذكر الصحاح الستة" ص ٣٥، ٣٦ بتصرف يسير.
(٢) "تدريب الراوي" ٢/ ١٦٠.