ذكر فيه حديث ابن عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ:"نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْن كُنْتِ قَاضِيَته؟ اقْضُوا اللهَ، فالله أَحَقُّ بِالوَفَاءِ".
هذا الحديث ذكرناه في أوائل الحج بطرقه، وذكرنا فقهه هناك، وقد بوب عليه هنا الرجل يحج عن المرأة، وكأنه أخذه من قوله:"فاقضوا الله" وهو صالح للمذكر والمؤنث، ولا خلاف في حج الرجل عن المرأة وعكسه، إلا الحسن بن صالح فإنه قال: لا يجوز، وعبارة ابن التين: الكراهة فقط، وهو غفلة وخروج عن ظاهر السنة كما قال ابن المنذر؛ لأنه - عليه السلام - أمرها أن تحج عن أمها، وهو عمدة من أجاز الحج عن غيره.
قال الداودي: وفيه دليل أن معنى قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النجم: ٣٩]
إن ما فُعِل عنه من سعيه.
وفيه: أن الحجة الواجبة من رأس المال كالدين وإن لم يوص، وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وعطاء وابن سيرين ومكحول وسعيد بن