وقدمنا أن فيه جواز ركوب البحر للجهاد، وإذا جاز للجهاد فالحج أجوز، لا جرم أن الأظهر عند الشافعي وجوب ركوبه له إن غلبت السلامة.
وبه قَالَ مالك وأبو حنيفة؛ وكره مالك للمرأة الحج في البحر، وهو للجهاد أكره، وسببه أن المرأة لا تكاد تستر عن الرجال ولا يستترون عنها، ونظرها إلى عَورات الرجال ونظرهم إليها حرام، فلم (ير لها)(١) استباحة فضيلة ولا أداء فريضة بمواقعة محرم.
وذكر مالك أن عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من ركوب البحر فلم يركبه أحد طول حياته، فلما مات استأذن معاوية عثمان بن عفان في ركوبه فأذن له، فلم يزل يركب حَتَّى كان عمر بن عبد العزيز فمنع من
(١) في الأصل: يُولها. وأثبتنا الموافق لما في ابن بطال.