المقصود بتراجم البخاري أسماء أبواب كتابه التي روى بعدها أحاديث الباب، ولقد راعى البخاري في هذِه التراجم مقاصد عالية رفيعة وأهدافًا سامية، فهو في بعض الأحيان يشير إلى النكات الفقهية، وأحيانا الأصول الحديثية، وعللها الغامضة، ولقد صدق من قال:"إن فقه البخاري في تراجمه" ذلك أن تراجم الصحيح تعطي الصورة الواضحة والدليل القاطع، على مقدرة البخاري وسعة علمه، وقوة حفظه ودرجة تفوقه في فهم الكتاب والسنة، واستنباط الأحكام منهما، والاستدلال لأبواب أرادها من الأصول والفروع، والزهد والرقائق، واستخراج فقه الحديث وماله صلة بالحديث المروي فيه فكان فيها كما قال عنه ابن حجر:"استخرج بفهمه من المتون معاني كثيرة، فرقها في أبواب الكتاب بحسب تناسبها، واعتنى فيه بآيات الأحكام فانتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارة إلى تفسيرها السبل الوسيعة"(١).
كما كان في تراجمه سباق غايات، وصاحب آيات في وضع تراجم لم يسبق إليها، ولم يستطع أن يحاكيه أحد من المتأخرين، فنبه على مسائل مظان الفقه من القرآن، بل أقامها منه ودل على طرق التأنيس