للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منه، وبه ربط الفقه والحديث بالقرآن بعضه مع بعض، فكانت تراجمه صورة حية لاجتهاده وعبقريته ومنهجيته. ولزيادة التوضيح نورد أمثلة من تراجمه، تدليلًا على نبوغه وريادته، وتفوقه وتمكنه، وقوة استنباطه المعاني، واستخراج لطائف فقه الحديث، وتراجم الأبواب الدالة على ماله صلة بالحديث المروي فيه.

وقد تحدث ابن الملقن في مقدمة "التوضيح" عن تراجم البخاري وبيَّن منهجه فيها وأولاها اهتمامه في الشرح، لذا قال في المقدمة: (وأَحْصُرُ مقصودَ الكلام في عشرة أقسام: … سابعها: في بيان غامض فقهِهِ، واستنباطه، وتراجم أبوابه؛ فإنّ فيه مواضع يتحيرُ الناظرُ فيها، كالإحالة عَلَى أَصْل الحديث ومخرجه، وغير ذَلِكَ مما ستراه).

لقد كان منهجه عجيبًا وفريدًا في تراجمه، فقد يكون منها ما هو ظاهر، والترجمة فيه دالة بالمطابقة لما ترجم له، أي عنوان لما ترجم له، كقوله: "باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - اللهم علمه الكتاب" كما جاء في الحديث المتصل عن ابن عباس قال: "ضمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال اللهم علمه الكتاب" (١).

وقد تكون الترجمة تعبيرًا للمعنى المراد من كلمة في الحديث مثاله.

"باب الاغتباط في العلم والحكمة وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا".

كما جاء في الحديث المسند عن عبد الله بن مسعود قال: "قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في


(١) "شرح الكرماني" للبخاري- كتاب العلم ٢/ ٤٧ - ٤٩.