ذكر فيه حديث عَائِشَةَ، - رضي الله عنها -: أَنَّ أُسَامَةَ كَلَّمَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي امْرَأَةٍ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هَلَكَ مَن كَانَ قَبْلَكُم أَنَّهُم كَانُوا يُقِيمُونَ الحَدَّ عَلَى الوَضِيعِ، وَيَتْرُكُونَ الشَّرِيفَ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْ أن فَاطِمَةَ فَعَلَتْ ذَلِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".
قال المهلب: هذا يدل أن حدود الله لا يحل للأئمة ترك إقامتها على القريب والشريف، وأن من ترك ذلك من الأئمة فقد خالف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورغب عن اتباع سبيله، وفيه أن إنفاذ الحكم على الضعيف ومحاباة الشريف بما أهلك الله به الأمم.
ألا ترى أنه - عليه السلام - وصف أن بني إسرائيل هلكوا بإقامة الحد على الوضيع وتركهم الشريف، وقد وصفهم الله بالكفر والفسوق لمخالفتهم أمر الله، فقال تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة: ٤٤] الظالمون، الفاسقون.
فصل:
وقوله: "لو أن فاطمة" إلى آخره، كذا هو ثابت في الأصول، وأورده ابن التين بحذف "أن" ثم قال: تقديره: لو فعلت ذلك؛ لأن (لو) يليها الفعل دون الاسم، وهذا من معنى قوله {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}[النساء: ١٣٥]