قوله:{بِالمَنِّ} أي: لا تمنوا بما أعطيتم {وَالأَذَى} أن يوبخ المعطى. فهذان يبطلان الصدقة، كما تبطل نفقة المنافق الذي يعطي رياء ليوهم أنه مؤمن، وروى الطبري عن عمرو بن حريث قَالَ: إن الرجل يغزو ولا يزني ولا يسرق ولا يغل، لا يرجع بالكفاف. فقيل له: لماذا؟ قَالَ: إن الرجل ليخرج، فإذا أصابه من بلاءً الله الذي قد حكم عليه سب ولعن إمامه ولعن ساعة غزا، وقال: لا أعود لغزوة معه أبدًا. فهذا عليه وليس له مثل النفقة في سبيل الله يتبعها منٌ وأذى، فقد ضرب الله مثلها في القرآن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ}[البقرة: ٢٦٤] حَتَّى ختم الآية (١).
وقوله:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ}[البقرة: ٢٦٤] أي: فمثل نفقته كمثل صفوان، وهو الحجر الأملس. وحكى قطرب: صفوان- بكسر الصاد، والمعنى: لم يقدروا على كسبهم وقت حاجتهم ومحق مما ذهب كما محق المطر التراب عن الصفا، ولم يوافق في الصفا منبتا.
وما ذكره عن ابن عباس في تفسير {فَتَرَكَهُ صَلْدًا}[البقرة: ٢٦٤] أخرجه ابن جرير عن محمد بن سعد حَدَّثَني أبي قَالَ: حَدَّثَني عمي قَالَ: