٣٢ - باب مَا يُتَّقَى مِنْ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ
٦٤٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالاً هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُهْلِكَاتِ. [فتح ١١/ ٣٢٩].
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث أَنَسٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إِنْ كُنَّا نعدها عَلَى عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المُوبِقَاتِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَعْنِي: المُهْلِكَاتِ.
إنما كانوا يعدون الصغائر من الموبقات؛ لشدة خشيتهم لله، وإنه لم يكن لهم كبائر، ألا ترى أن إبراهيم - عليه السلام - إذا سئل الشفاعة يوم القيامة يذكر ذنبه بتلك الكلمات الثلاث: في زوجته، وإني سقيم، وفعله كبيرهم. فرأى ذلك من الذنوب، وإن كان لقوله وجه صحيح فلم يقنع من نفسه إلا بظاهر يطابق الباطن، وهذا غاية الخوف، والمحقرات إذا كثرت صارت كبائر؛ للإصرار عليها والتمادي فيها، وقد روى ابن وهب، عن عمرو بن حريث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم
أبي عمران أنه سمع أبا أيوب يقول: إن الرجل ليعمل الحسنة (فيثق)(١) بها، ويعمل المحقرات فيلقى الله يوم القيامة، وقد أحاطت به خطيئته، وإن الرجل ليعمل السيئة فما يزال منها مشفقًا حذرًا حتى يلقى الله يوم القيامة آمنًا.
وذكر أسد بن موسى، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنها تجمع حتى تهلك صاحبها، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ضرب لنا مثلًا كمثل ركب نزلوا بأرض فلاة، فلم يجدوا فيها حطبًا؛
(١) في الأصول: (فيتقي)، ولعل المثبت هو الصحيح كما في "الفتح" ١١/ ٣٣٠.