ثم ساق حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ، بِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بِاَلخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ".
الشرح:
البطانة: خواص الرجل، ووزراء الملك، وغرض البخاري في هذا الباب إثبات الأمور لله --عَزَّ وَجَلَّ--، فهو الذي يعصم من نزغات الشيطان، ومن شر كل وسواس خناس من الجنة والناس، وليس من خليفة ولا أمير إلا والناس حوله رجلان: رجل يريد الدنيا والاستكثار منها، فهو يأمره بالشر ويحضه عليه ليجد به السبيل إلى انطلاق اليد في المحظورات، ومخالفة الشرع، ويوهمه أنه إن لم يقتل ويغصب، ويخف الناس، لم يتم له شيء ولم يرض، فسياسة الله لعباده ببسط العدل، وبحمد الأيدي، وإن في ذَلِكَ صلاح البلاد والعباد، ولا يخلو السلطان أن تكون في بطانته رجل يحضه على الخير، ويأمره به؛ لتقوم به الحجة عليه من الله في يوم القيامة، وهم الأمل، والمعصوم من الأمراء من عصمه الله، لا من عصمته نفسه الأمارة بالسوء، بشهادة الله عليها الخالق لها {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا}[النساء: ٨٧].