للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١]، ولم يتقدم ذكر غير العهد، فأعلمنا أنه يمين مؤكد، ألا ترى قوله: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: ٩١] وقال يحيى بن سعيد: في قوله: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ} [النحل: ٩١]: العهود (١).

وقد روي عن جابر بن عبد الله في قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] قال: عقدة الطلاق، وعقدة البيع، وعقد الحلف، وعقد العهد، فإذا قال: عليّ عهد الله، فقد عقد على نفسه عقدًا يجب الوفاء به لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - إذا قال: عليّ عهد الله، فحنث، يعتق رقبة. قال: قال الشافعي: فإن قال: عليّ عهد الله يحتمل أن يكون معهوده، وهو ما ذكره تعالى في قوله: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: ٦٠].

وإذا كان هذا هو معهود الله، وهو محدث، فهو كقوله: {فَرَضَ الله}، وتكون عبارة غير مفروضة، ولا يكون يمينًا؛ لأنه يمين بمحدث. قيل: قوله: عليّ عهد الله، غير قوله: معهوده؛ لأنه لم يجر العرف والعادة بأن يقول أحد: عليّ معهود الله، وإنما جرى أن يراد بذلك اليمين.

وقال مالك: إذا قال: عهد الله وميثاقه، فعليه كفارتان إلا أن ينوي التأكيد، فتكون يمينًا واحدة (٢).

وقال الشافعي: عليه كفارة واحدة، وهو قول مطرف، وابن الماجشون، وعيسى بن دينار، والحجة لمالك أنه لما خالف بين


(١) رواه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٦٣٦ (٢١٨٧٦).
(٢) "المدونة الكبرى" ٢/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>