للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو "كالكلب يعود في قيئه" (١) فإذا انتفع ببعض صدقته فقد عاد فيها، وإن اشترط في أصل عطيته أن ينتفع فلم تخرج عطيته عن يده فيحاز عنه، ولا يقل ما تصدق به بما ينتفع به منها، فهي باقية على ملكه إذ لا يعلم الجزء الذي تصدق به. وقال ابن المنير: وجه المطابقة فيه أن المخاطب يدخل في خطابه، وهو أصل مختلف فيه، ومالك في مثل هذا يحكم بالعرف حَتَّى يخرج غير المخاطب أيضًا من العموم لقرينة عرفية، كما إذا أوصى بمال للمساكين وله أولاد فلم يقسم حَتَّى افتقروا (٢)، ففيه قول ابن القاسم ومطرف -يعني: الاثنين (٣). وقال ابن التين: يحتمل.

وقال ابن بطال (٤): لا يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه؛ لأنه أخرجه لله تعالى وقطعه عن ملكه، فانتفاعه بشيء منه رجوع في صدقته، وقد نهى الشارع عن ذلك. قَالَ: وإنما يجوز له الانتفاع به إن شرط ذَلِكَ في الوقف، أو أن يفتقر المحبس أو ورثته فيجوز لهم الأكل منه. قَالَ ابن القصار: من حبس دارًا أو سلاحًا أو عبدًا في سبيل الله فأنفذ ذَلِكَ في وجوهه زمانًا ثم أراد الانتفاع به مع الناس فإن كان من حاجة فلا بأس.

وذكر ابن حبيب عن مالك قَالَ: من حبس أصلًا تجري غلته على المساكين فإن ولده يعطون منه إذا افتقروا، كان يوم مات أو حبس فقراء أو أغنياء، غير أنهم لا يعطون جميع الغلة مخافة أن يندرس الحبس، ولكن يبقى منه سهم المساكين ليبقى اسم الحبس، ويكتب


(١) سلف برقم (٢٦٢٣).
(٢) "المتواري على تراجم أبواب البخاري" ص ٣١٨.
(٣) "النوادر والزيادات" ١١/ ٥٢٨.
(٤) ابن بطال ٨/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>