للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا تقرر ذَلِكَ: فالغدوة -بفتح الغين المعجمة-: المرة من الغدو، وهو من أول النهار إلى الزوال، أما بالضم فمن صلاة الغداة إلى طلوع الشمس، والروحة -بفتح الراء- المرة من الرواح أي وقتٍ كان، والمراد به هنا: من الزوال إلى الغروب.

و (أو) هنا للتقسيم لا للشك، واللفظ مشعر بأنها تكون فعلا واحدًا، ولا شك أنها قد تقع على اليسير والكثير من الفعل الواقع في هذين الوقتين، ففيه زيادة ترغيب وفضل عظيم، فالروحة تحصل هذا الثواب وكذا الغدوة، قَالَ النووي: والظاهر أنه لا يختص ذَلِكَ بالغدو أو الرواح من بلدته بل يحصل هذا الثواب بكل غدوة وروحة في طريقه إلى الغزو، وكذا غدوه ورواحه من موضع القتال؛ لأن الجميع يسمى غدوة وروحة في سبيل الله (١)، وكذا قَالَ الداودي: الصحيح أن الغدوة والروحة الخرجة الواحدة ووقتها كما سلف.

وقوله: ("في سبيل الله") يعني: ليقاتل فيها أو يكون فيها بأرض العدو.

وقوله: ("خير من الدنيا") يعني: ثواب ذَلِكَ في الجنة خير من الدنيا، وقيل في مثل هذا: خير من أن يتصدق مما في الدنيا إذا ملكها مالك فأنفقها في وجوه البر والطاعة غير الجهاد. وقال القرطبي: أي الثواب الحاصل على مشية واحدة في الجهاد خير لصاحبه من الدنيا كلها لو جمعت له بحذافيرها (٢).

وقال المهلب: هما خير من زمن الدنيا؛ لأنهما في زمن قليل، أي: ثواب هذا الزمن القليل في الجنة خير من زمن الدنيا كلها، وكذا قوله:


(١) "شرح مسلم" ١٣/ ٢٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٠٩ - ٧١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>