للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سواء، وقد روي تسرح، وهو يشهد للضم ومن رواه بالتاء على النسمة، ويحتمل أن يرجع إلى التطير على أن يكون جمعًا، ويكون ذكر النسمة؛ لأنه أراد الجنس لا الواحد، وقد يكون التأنيث للروح؛ لأنها تذكر وتؤنث، وهذا الحديث أنها تعلق عام والقرآن ذكر في الشهداء.

قَالَ الداودي: وقيل: تمثل أرواحهم طيرًا تسرح في الجنة، قَالَ: وذكر بإسناد ضعيف أنها تجعل في حواصل طير، ولا يصح في النقل ولا الاعتبار؛ لأنها إن كانت هي أرواح الطير. فكيف يكون في الحواصل دون سائر الجسد؟ وإن كان لها أرواح غيرها فكيف يكون لها روحان في جسد؟ وكيف تصل لهم الأرزاق التي ذكر الله تعالى؛ قَالَ: وإنما الصحيح أن أرواحهم طائر تعلق في شجر الجنة، (أي) (١) ترعى حَتَّى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه ويعرض عليه مقعده بالغداة والعشي.

قلتُ: وما أنكره هو ثابت في "صحيح مسلم"، وهو معدود من أفراده من حديث مسروق، قال: سألنا عبد الله عن هذِه الآية: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا} فقال: أما إنا قد سألنا عن ذَلِكَ فقال: "إن أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربكم إِطْلاعةً فقال: هل تشتهون شيئًا؟ فقالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرحِ في الجنة حيث شئنا، ثم نأوي إلى تلك القناديل، فقال لهم ذَلِكَ ثلاثًا. فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا، قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا" (٢).


(١) في (ص ١): أو.
(٢) مسلم (١٨٨٧) كتاب: الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>