(٢) قال شيخ الإسلام: والمرجئة الذين قالوا: الإيمان تصديق القلب، وقول اللسان، والأعمال ليست منه. كان منهم طائفة من فقهاء الكوفة وعبادها، ولم يكن قولهم مثل قول جهم، فعرفوا أن الإنسان لا يكون مؤمنًا إن لم يتكلم بالإيمان مع قدرته عليه. وعرفوا أن إبليس وفرعون وغيرهما كفار مع تصديق قلوبهم، لكنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم، وإن أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضًا فإنها لازمة لها، ولكن هؤلاء لهم حجج شرعية بسببها اشتبه الأمر عليهم، فإنهم رأوا أن الله قد فرق في كتابه بين الإيمان والعمل: فقال في غير موضع: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الكهف: ١٠٧] ورأوا أن الله خاطب الإنسان بالإيمان قبل وجود الأعمال فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩]. وقالوا: لو أن رجلًا آمن بالله ورسوله ضحوة ومات قبل أن يجب عليه شيء من =