للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سابعها: قوله: ("فلم يقل إن شاء الله") أي: بلسانه، لا أنه غفل عن التفويض إلى الله بقلبه، فإنه لا يليق بمنصب النبوة، وإنما هذا كما اتفق لنبينا - عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام - لما سُئل عن الروح والخضر وذي القرنين؟ فوعدهم أن يأتي بالجواب غدًا جازمًا مما عنده من معرفة الله وصدقه وعده في تصديقه وإظهار كلمته، لكنه ذهل عن النطق بها لا عن التفويض بقلبه، فاتفق أن تأخر الوحي: عنه ورمِيَ مما رُمِيَ لأجل ذَلِكَ، ثم علمه الله بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الله} الآية [الكهف: ٢٣ - ٢٤]. فكان بعد ذَلِكَ يستعمل هذِه الكلمة حتى في الواجب. وهذا لعلو مناصب الأنبياء وكمال معرفتهم بالله تعالى يعاتبون على ما لا يعاتب عليه غيرهم.

ثامنها: قوله: ("لو قَالَ: إن شاء الله لم يحنث") فيه دلالة على أنه أقسم على شيئين: الوطء والولادة، فإنه فعل الوطء حقيقة والاستيلاد لم يتم، إذ لو تم (الاستيلاد) (١) لم يقل فيه ذلك، وهذا محمول على أنه - عليه السلام - أوحي إليه بِذَلِكَ في حق سليمان، لا أن كل من فعل هذا يحصل له هذا، وهذا من خصائص نبينا في اطلاعه على أخبار الأنبياء السالفة والأمم الماضية.

تاسعها: فيه دلالة على جواز قول: لو ولولا بعد وقوع المقدور، و (قد) (٢) جاء في القرآن كثير وفي كلام الصحابة والسلف، وسيأتي ترجمة البخاري على هذا: باب ما يجوز من اللو (٣)، وأما النهي عن ذَلِكَ وأنها تفتح عمل الشيطان فمحمول على من يقول ذَلِكَ معتمدًا على الأسباب معرضًا عن المقدور أو متضجرًا منه وقد أوضحت ذَلِكَ


(١) من (ص ١).
(٢) من (ص ١).
(٣) سيأتي بعد رقم (٧٢٣٧) كتاب: التمني.

<<  <  ج: ص:  >  >>