للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعها:

فيه حجة على الكوفيين في قولهم في المدد يلحق بالجيش في أرض الحرب بعد الغنيمة أنهم شركاؤهم في الغنيمة. وسائر الفقهاء إنما تجب عندهم الغنيمة لمن شهد الوقعة، واحتجوا بحديث أبي هريرة هذا؛ لأنه لم يسهم له، كما أخرجه أبو داود كما سلف، وأبو حنيفة إنما يسهمُ لمن غاب عن الوقعة لشغل شغله الإمام من أمور المسلمين، كما فعل بعثمان حين قسم له من غنائم بدر بسهمه ولم يحضرها؛ لأنه كان غائبًا في حاجة الله ورسوله فكان كمن حضرها، أو مثل أن يبعثه الإمام لقتال قوم آخرين فتصيب الإمام غنيمة بعد مفارقة ذَلِكَ الرجل إياه، أو يبعث رجلاً ممن معه في "ر الحرب إلى دار الإسلام؛ ليمده بسلاح ورجال فلا يعود ذَلِكَ الرجل إلى الإمام حَتَّى يغتنم غنيمة فهو شريك فيها، وهو كمن حضرها، وكذلك فن أراد الغزو فرده الإمام، وشغله شيء من أمور المسلمين فهو كمن حضرها.

قَالَ الطحاوي: وأما حديث أبي هريرة فإنما ذَلِكَ والله أعلم؛ لأنه وجَّه أبان إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر، فتوجه أبان ثم حدث خروجه إليها فكان ما غاب فيه أبان ليس هو شُغْلٌ شُغِلَ به عن حضورها بغير إرادته إياها، فيكون كمن حضرها (١).

وقال الكوفيون: لا حجة في حديث أبي هريرة؛ لأن خيبر حين فتحت سارت دار إسلام، وهذا لا شك فيه، قالوا: وقد روى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة قَالَ: ما شهدت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغنمًا إلا قسم لي، إلا خيبر


(١) "شرح معاني الآثار" ٣/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>